اعلان


بقلم: د.فريد علي جلبط

منذ أربعين عاما تقريبا أصدر د.مهاتير محمد- مؤسس ماليزيا الحديثة- كتابه الشهير (معضلة المالايو) وصف فيه شعب المالايو بالكسل، وماليزيا بأرض البرك والمستنقعات...، واليوم- وبعد أن استلم د. مهاتير الحكم عام 1980م- نحاول أن نرصد بعض المشاهد من ماليزيا الحديثة:


ماليزيا واحدة
شعار ماليزيا رفعته الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية لدعم وحدة ماليزيا، والمساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات أمام الدستور والقانون، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو العرق؛فماليزيا متعددة الدين والعرق،الأغلبية مالايو وهم مسلمون، وتوجد أقلية كبيرة ذات أصل صيني والبوذية معتقدهم، وأخري أقل منها ذات أصل هندي والهندوسية دينهم، كما توجد أعداد قليلة مسيحية،والوطن يسع الجميع،واستطاعت ماليزيا سياسيا أن توظف طاقات الجميع وأن تراعي طبائع هذه المكونات؛فالملايو يعملون في مجالات الإدارة والتعليم والزراعة بشكل عام أما الصينيون والهنود فيعملون في مجالات التصنيع والتجارة ومن ثم فإن التنوع الديني والعرقي كان لصالح الجميع مما ساهم في نهضة ماليزيا.

أحزاب للجميع
تأسيس الأحزاب حق مكفول للجميع؛ فهنا أحزاب قومية(حزب أمنو)،وأخري إسلامية(الحزب الإسلامي)،وثالثة تسمي بأسماء عرقية(الحزب الصيني)..، والعمل السياسي يسجل تنسيق بل وتحالفات تجمع بين أحزاب قومية وإسلامية أو عرقية...وكلها أحزاب وطنية تتبني أجندات وطنية تستهدف نهضة ماليزيا،وإن كانت المناكفات السياسية موجودة من الجميع بسبب حدة المنافسة.

الوسطية منهج الأغلبية الحاكمة و المعارضة
ماليزيا بنت نهضتها الحديثة بعيدا عن غلاة العلمانية أو المتشددين دينيا، فقيم التسامح والاعتدال هي الحاكمة بشكل عام،ولا تجد طرحا عاما يفصل الدين عن الحياة أو الأخلاق عن الاقتصاد،وبرامج الأحزاب ذات الشعبية الكبيرة تنطلق إما من مفهوم الإسلام الحضاري أو مشروع الإسلام الشامل.

الخدمات الحكومية
يقدم الجهاز الاداري للدولة كافة الخدمات(تعليم-صحة-مرور......)باجراءات بسيطة وسهلة وبما يشبه الحكومة الكترونية مع غياب تام للواسطة أو الرشوة.

التعليم أساس النهضة
التعليم قبل الجامعي حق لجميع الماليزيين، وهو تعليم بمصروفات قليلة، ومن ثم فهو متاح للجميع،مساحة المدارس الحديثة والتاريخية كبيرة لا تقل عن 3000 متر مربع، ولا تزيد مساحة المباني عن ثلث المساحة، وكثافة الفصل لا تزيد عن أربعين طالبا ،أما باقي المساحة فمسارح، وملاعب رياضية، وحدائق ،واليوم الدراسي يبدأ من الساعة السابعة صباحا، وينتهي الساعة الثالثة مساء،المناهج متنوعة وخالية من الحشو،أما التعليم الجامعي فليس بمجان، والطالب يحصل سنويا علي قرض يكفيه دفع المصروفات، وسائر النفقات الأخري، وعليه رد القرض كاملا بعد التخرج،والتعليم الجامعي عبارة عن برامج شديدة التخصص،ويعتمد علي إكساب الطالب مهارات التفكير والبحث العلمي في إطار التخصص الدقيق.

السكان والمساحة
سكان ومساحة ماليزيا علي الثلث من مصر والسكان ينتشرون علي كامل الأراضي الماليزية، والبنية الأساسية(طرق مرصوفة - شبكة مجاري- مصارف للمياه-مياه نظيفة - شبكة كهرباء- اتصالات..)موجوده علي كامل الإقليم الماليزي، ومن ثم لا تجد مشاكل الازدحام والتكدس فيما عدا العاصمة حتى بعد نقل المقرات الحكومية إلى مدينة جديدة، ولعل السبب أن كوالالمبور مدينة بين جبلين.

العمل للجميع حتى القرود تساهم في النشاط الاقتصادي
يبدأ النشاط مع صلاة الفجر والذهاب إلى العمل في الساعة السابعة، وينتهي العمل الحكومي في الساعة الخامسة مساء،أما أصحاب الأعمال الخاصة فيومهم يبدأ من الفجر أيضا بممارسة رياضة المشي والرياضات المختلفة(خاصة الصينيون)، ثم الذهاب إلى أعمالهم في الساعة الثامنة حتى العاشرة مساء، والمشهد الذي لا أنساه مشهد القرود وهي تعمل في مجال جمع ثمرة جوز الهند، فرأينا القرد المعلم يتسلق النخيل العالي جدا ويجمع الثمار بمهارة فائقة.......، ثم يخلد الجميع بعد ذلك إلى الراحة والنوم ، حتى أنك لا تجد أحدا في الشارع بعد العاشرة مساء.

الأجور الحكومية
الأجور الرسمية تكفل حياة كريمة والتفاوت بين الحدين الأدني والأقصى لا يزيد على 15 ضعفا وتبدأ من ألف رنجت إلى 15 الف رنجت(الرنجت يساوي 2 جنيه مصري) أما أسعار السلع والمواد الغذائية فهي قريبة من الاسعار في مصر عدا اللحوم والدجاج والأسماك وزيت الطعام فضلا عن السيارات فهي أقل بكثير(علي النصف).

مؤسسات المجتمع المدني
المجتمع المدني نشط في ماليزيا فمؤسسات الزكاة –الوقف-الحج-المؤلفة قلوبهم......معالم هامة علي دور المجتمع في تحقيق التكافل الديني والاجتماعي، بعيدا عن دور الدولة في هذه المجالات، وتخفيفا من الضغوط علي الموازنة العامة.

طبائع الماليزيين وعاداتهم
الماليزي هادئ الطبع،صبور،لا يرفع صوته،بسيط في ملبسه، ومأكله، ومسكنه، ومركبه؛ فالماليزيون يأكلون في المطاعم-الرجال والنساء والأطفال- وأسعار الوجبات في متناول الجميع،ولكل فرد مركبه الخاص من الدراجة إلى السيارة،وسيارته من صنع بلاده ونجحت ماليزيا في تصنيع سيارة ترضي الغالبية العظمى حيث تتعدد الأشكال والأحجام والكماليات(أكثرمن 80 في المائة من السيارات المتحركة في الشارع بروتون)، ومن عاداتهم التيسير في الزواج(المهر-الشبكة-الأثاث-تجهيزات الفرح) ومن ثم لا تجد عنوسة في ماليزيا.

حق الرفاه
الحدائق والمنتزهات والشواطئ العامة كثيرة جدا ومعدة اعدادا جيدا والدخول فيها بدون رسوم وأسعار الخدمات فيها عادية.

رزق السماء لماليزيا
أما عن الأمطار فهي يومية تقريبا وبكميات كبيرة وهي محض نعمة الرحمن حيث تتطهر ماليزيا يوميا – الهواء والأشجار والطرق- وتعتمد الأشجار المثمرة وهي كثيرة جدا مثل جوز الهند وزيت النخيل والمطاط وأشجار الفواكه- الدريان والمنجوستين والرمبوتان والمانجو.......- وغير المثمرة كأشجار الغابات- الأخشاب بأنواعها المختلفة - تعتمد كل هذه الأشجار علي هذا الماء النازل من السماء دون جهد للماليزيين.

وأخيرا
ماليزيا اليوم توفر أفضل رزمة شاملة من حيث جودة ومستوي المعيشة والمرافق الخدمية لجميع السكان وقد بلغ الاحتياطي الدولي هذا العام 133 مليار دولار.

---------------------------------

الأستاذ المساعد بكلية الشريعة - جامعة الإنسانية - ماليزيا

0 التعليقات:

ADs