اعلان

جمال فهمى
كلام فى «الهز»..

نشرت الصحف ووسائل الإعلام، أمس، تصريحات منسوبة إلى الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة الموصوف بأنه مجرد «ذراع» لجماعة الإخوان المسلمين، التى بدورها تحتفظ حتى الساعة (لغرض فى نفس المرحوم يعقوب) بوضعها السابق كتنظيم شبه سرى، مع أن ثورة المصريين أسقطت عنها مرسوم الحظر والحرمان، فلم تعد «محظورة» بل صارت «محظوظة» جدا.. ولا حسد.

ورغم أن الدكتور مرسى قائد لحزب هو محض «ذراع» فحسب، فضلا عن أن التجربة اليومية علمتنا أن الإخوان (جسدا وذراعا) أدمنوا ممارسة تكتيك الخطاب المزدوج والمراوغ والمتعدد لدرجة التناقض أحيانا.. رغم ذلك كله لا مفر من أخذ ما يصدر عن رئيس حزبهم مأخذ الجد والتعامل مع تصريحات سيادته باعتبارها تعبيرا رسميا عن موقف حزب يتمتع بأكثرية كبيرة فى البرلمان.

فأما التصريح الذى استوقفنى فقد فهمت منه أنه تعليق من الدكتور على ذلك المطلب الذى بات يحظى بشبه إجماع وتوافق نادر من كل قوى الثورة والأغلبية الساحقة من اللاعبين الحاليين على المسرح السياسى، ألا وهو ضرورة التعجيل برحيل المجلس العسكرى عن سلطة الحكم (الشباب يقولون «فورا»)، استنادا إلى حقيقة فشله الذريع فى أداء واجبات المرحلة الانتقالية التى حولها إلى مرحلة «انتقامية» من الشعب المصرى، انتقل خلالها عشرات كثيرة من زهرة شبابنا من الحياة الدنيا إلى الآخرة.

وحسب المنشور من تصريحات رئيس حزب الحرية والعدالة، فإن الحزب يقف على الطرف النقيض من هذا الإجماع ويرفض التبكير والتعجيل بإنهاء الوضع الاستثنائى المأساوى الحالى عن طريق تسليم السلطة العليا فى البلاد إلى رئيس منتخب، بذريعة كما قال ضرورة «التمسك بالإعلان الدستورى وخارطة الطريق التى وضعها المجلس العسكرى لنقل السلطة، ووافق عليها 14 مليونا من الشعب فى استفتاء مارس 2011»، وقد تطوع الدكتور مرسى، وأضاف قائلا: «إن المجلس العسكرى اكتسب شرعيته من الشعب (بالاستفتاء)، وإن حزبه ضد من يحاول هز هذه الشرعية»!!

واضح طبعا أن علامتى التعجب الأخيرتين من عند العبد لله، ودواعى العجب والاستغراب إن لم تكن ظاهرة مفضوحة فى هذا الكلام، فإننى أجملها فى الملاحظات الآتية:

أولا: يقول الدكتور رئيس «الذراع» السياسية إن المجلس العسكرى هو الذى «وضع خارطة الطريق» المهببة التى أوصلتنا إلى المصيبة السوداء التى نتردى فى أوحالها الآن، وهذا والله ادعاء بالباطل على معالى المجلس العسكرى، فمعاليه للأمانة لم ينفرد باختراع هذه الخريطة المنيلة، وإنما يعرف القاصى والدانى وسكان بلاد تركب الأفيال كذلك، إن إخوتنا الإخوان هم الذين «زينوا» له هذا الطريق وصمموه وفصلوه على مقاسهم عبر لجنة (المستشار طارق + الأستاذ صبحى) ذائعة الصيت.

ثانيا: يعرف الدكتور مرسى وكل الدكاترة والمهندسين والعمال والفلاحين وكل الغلابة سكان مصر أن استفتاء مارس الماضى لم يجر على «إعلان دستورى»، وإنما على تعديل أدخلته الست اللجنة المذكورة أعلاه على تسع بنود فى الدستور الساقط الذى يفترض (لو احترمنا رأى الـ14 مليونا الذين قالوا «نعم»)، أن يكون هو الدستور القائم حاليا، لكن الذى حدث أن المجلس العسكرى ألغى بجرة قلم إرادة هؤلاء الملايين، وفرض على الجميع الإعلان الدستورى الذى يحتج به علينا جناب الدكتور رئيس «ذراع» الإخوان.

ثالثا: ومع ذلك فهذا «الإعلان» الذى يبجله الدكتور مرسى وحزبه وجماعته ليست فيه «توقيتات» ولا تواريخ محددة ولا أى شىء يمنع التبكير بإنهاء حكم المجلس العسكرى وتسليم السلطة إلى رئيس منتخب، ولو «الآن الآن، وليس غدا»!!

رابعا: أما حكاية أن العسكرى اكتسب «شرعيته» من الاستفتاء (الملغى نتيجته)، فهى نكتة سخيفة لا تستحق التعليق، ولكن النكتة الظريفة حقا هى قول الدكتور إن حزبه وإخوانه «ضد من يحاول هز هذه الشرعية»، فلقد ضحكت كثيرا لما قرأت هذه العبارة، إذ قفز إلى ذهنى فورا السؤال التالى: أيهما ألطف (حتى لا أقول أشرف) «هز الشرعية» أم «هز» الوسط والرقص على الحبال، وعلى جثة الوطن؟!!

بقلم جمال فهمى ..

0 التعليقات:

ADs